جمعية مهندسي حزب العدالة و التنمية ينظم لقاء دراسي حول *النموذج التنموي المغربي مسار متجذر و رهان متجدد* اليوم 28 يوليوز 2018 بفندق الرباط الرباط.
جمعية مهندسي حزب العدالة و التنمية ينظم لقاء دراسي حول *النموذج التنموي المغربي مسار متجذر و رهان متجدد* اليوم 28 يوليوز 2018 بفندق الرباط الرباط.
هذا اللقاء الذي جرى افتتاحه رئيس الحكومة سعد الدين العتماني
واطره نخبة من الخبراء الاكادميين و الباحتين في مجال التنمية
تطرقوا من خلال العروض القيمة مختلف اوجه المرتبطة باليات التنموية
حيت أكد الملك محمد السادس، في افتتاح الدورة البرلمانية 2017 أن “النموذج التنموي للمملكة أصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن المغربي”.
وأضاف الملك في خطابه أن “المغاربة اليوم يحتاجون إلى التنمية المتوازنة والمنصفة التي تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل وفرص الشغل، وخاصة للشباب، وتساهم في الاطمئنان والاستقرار والاندماج في الحياة المهنية والعائلية والاجتماعية، التي يطمح إليها كل مواطن؛ كما يتطلعون إلى تعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع إلى الخدمات الاستشفائية الجيدة في إطار الكرامة الإنسانية”.
ومن خلال خطابه، وضع الملك أسس تصور للنموذج التنموي الجديد المنشود، حيث ارتكزت على ضرورة تسريع تفعيل الجهوية المتقدمة ونقل الاختصاصات والكفاءات البشرية المؤهلة والموارد المالية الكافية. فضلا عن العمل على إخراج نظام اللاتمركز الإداري، وملائمة السياسات العمومية مع الخصوصيات المحلية. وركز أيضا على ضرورة إشراك كافة القوى الحية والفعاليات والكفاءات الوطنية في إعداد هذا المشروع الجديد انطلاقا من روح الدستور.
خطاب الملك حول النموذج التنموي الجديد، فتح نقاشا واسعا حول التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب، حيث أصبح التفكير في نموذج تنموي جديد من صلب أولويات الحكومة والفاعليين المؤسساتيين والسياسيين وغيرهم.
في هذا الملف نقارب وجهات نظر خبراء اقتصاديين وفاعليين سياسيين حول أعطاب النموذج التنموي القديم في حالة وجوده، وكذا تصوراتهم للتوجهات الأساسية للنموذج التنموي الجديد.
وفي هذا الصدد، أجمع المتدخلون في الملف أن المغرب لا يتوفر على نموذج تنموي حقيقي، وكل ما في الأمر مجرد تفكير فيه. والواقع أن هناك مخططات قطاعية هي التي حلت محل النموذج الذي كان يجب أن يكون. وعلى الرغم من نجاعة بعض المخططات التي حققت بعض التراكمات، إلا أن غياب الانسجام والرؤية الواضحة، جعلها قاصرة عن تحقيق الأهداف التنموية المطلوبة. ينضاف إلى ذلك، تعدد المخططات التي ترتبط أساسا بعمر الولايات الحكومية، وبالتالي إنهاء مخطط قبل تحقيقه الأهداف المسطرة واستبداله بمخطط آخر، زيادة على تعثر عدد من المخططات دون تقييم أو محاسبة رغم الميزانيات الباهظة المخصصة له.
العديد من التقارير الوطنية خاصة تقارير المندوبية السامية وبنك المغرب، وكذا التقارير الدولية، تشيد تارة بما حققه المغرب وتبرز تارة أخرى الاختلالات الكبرى التي يعيشها المغرب، وبالرغم من العديد من هذه التقارير تشيد بالإنجازات التي تم تحقيقها على مستويات عدة خاصة في مجال الصناعة والفلاحة والطاقات، غير أنه في المقابل يبقى عاجزا عن تجاوز الاكراهات التي ترتبط بالحياة اليومية للمواطن المغربي، سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو التشغيل، وهي كل قطاعات حيوية. هذا التفاوت يعلق عليه المتتبعون أن المغرب يسير بسرعتين. ففي الوقت الذي يتبوء فيه مراتب مهمة في قطاعات معينة ينزل درجات في قطاعات أخرى تمس بشكل مباشر حياة المواطنين. وفي هذا السياق، أوضح صندوق النقد الدولي أن تحقيق معدل نمو في حدود 4.5 في المائة في المغرب ليس كافيا ولا يمكنه التقليص من نسبة البطالة.
هذا الواقع أكده تقرير للبنك الدولي في تقرير تحت عنوان “المغرب في أفق 2040: الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الاقلاع الاقتصادي”، أن “المستوى المعيشي للمغاربة يعادل حاليا نظيره لدى الفرنسيين في عام 1950، ولدى الإيطاليين في 1955، والإسبان في 1960، والبرتغاليين في 1965”. وأضاف التقرير أن المغرب يواجه ضرورة الاستجابة لتطلعات الشباب في الولوج بشكل أسرع إلى مستوى معيشي يقترب من المستوى المعيشي في البلدان الأكثر تقدما. ودعا البنك الدولي المغرب إلى تعزيز العقد الاجتماعي، القائم على النهوض بمجتمع منفتح، وإعادة تركيز عمل الدولة على مهامها السيادية، وتنمية الرأسمال البشري، وتعزيز الرأسمال الاجتماعي.
ويعيش المغرب تأخرا في العديد من المجالات، أشار إليها تقرير البنك الدولي، حيث أبرز أن معدل وفيات الرضع في المغرب في عام 2015 على المستوى نفسه المسجل في الدول الأوربية في عام 1960، أي في حدود 24 حالة وفاة عن كل 1000 ولادة. وعلى مستوى القدرة الشرائية ومستوى العيش، أوضح تقرير البنك الدولي أن البنية الحالية للنفقات الاستهلاكية للأسر المغربية تقترب من بنية البلدان الأوربية في خمسينيات، وستينيات القرن الماضي، وأن حصة الإنفاق على الغذاء في الميزانية، ارتفعت، ولا تزال في مستوى عال، إذ تصل حوالي 40 في المائة، ما يعكس ضعف القدرة الشرائية للأسر، وهيمنة النفقات الملزمة. وبالرغم من ذلك، توقع التقرير أن يستمر مستوى معيشة المغاربة في الارتفاع، ولن يمثل سوى 30 في المائة من مستوى المعيشة في جنوب أوربا بحلول عام 2040.
في المقابل التقرير ذاته، أن المغرب حقق خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، تقدما لا يمكن إنكاره، سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى الحريات الفردية والحقوق المدنية والسياسية، مما أتاح للمملكة إطلاق مسار اللحاق الاقتصادي ببلدان جنوب أوربا في أفق سنة 2040. وهو ما من شأنه أن يكفل للمغرب مكانة مستحقة بين البلدان الصاعدة بالنظر إلى المؤهلات التي يتوفر عليها.
النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية
قبل انتقاد الملك للنموذج التنموي القديم، أعطى الملك محمد السادس بالعيون بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء، انطلاقة النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وتفتح مشاريع هذا النموذج آفاقا واعدة، حيث من المنتظر أن تصبح مركزا رئيسيا إقليميا ودوليا حقيقيا، وسيمكن انجاز مشاريع هذا البرنامج الذي يشكل نقلة كبرى لتطوير القدرات الاقتصادية والتنموية بالمناطق الجنوبية، من فتح آفاق تنموية وجديدة داخل النسيج الاقتصادي والاجتماعي. ويشكل هذا البرنامج التنموي، بالنظر لما يتضمنه من مشاريع في مجال البنيات التحتية والصحة والتكوين والصناعة والفلاحة والصيد البحري وغيرها من القطاعات، رافعة لدعم المؤهلات الطبيعية والبشرية التي تزخر بها المنطقة كموقع استراتيجي متميز ومنطقة محورية تربط شمال المملكة بجنوبها، ونقطة استقطاب مهمة لجلب استثمارات عمومية وتوفير بنيات تحتية. وبلغ الغلاف المالي المقترح لإنجاز برنامج النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية 77 مليار درهم، مع توقع مضاعفة الناتج الإجمالي المحلي وخلق 120 ألف فرصة عمل.