أخبارأخبار عامةالأسرة و المجتمعسياسة

محمد خيات*” الواقع السياسي للشباب بين الممارسة والعزوف عن العمل الحزبي”.*

ابابريس : قسم الاخبار

بقلم : الطالب و الباحث محمد خيات
مما لا شك فيه أن فئة الشباب تعد هي الفئة التي تشكل قاعدة الهرم الديمغرافي بالمغرب حيث تشكل هذه الأخيرة حوالي 65% من مجموع الساكنة،
ولا يختلف إثنان في أن مرحلة الشباب هي المرحلة الخصبة من عمر الإنسان حيث الحيوية والنشاط والقدرة على العطاء في جميع المجالات والميادين، سواء الإجتماعية أو الإقتصادية أو الثقافية أو السياسية، إذ أن هذه الفئة هي المحرك الرئيسي والفعال في أي إصلاح أو تغيير في المجتمع، هذا إن أعطيت لهذه الفئة المكانة المستحقة والرعاية اللازمة والأدوات الفعالة من أجل خوض غمار التغيير.
ولا يمكن أن يتأتى هذا التغيير إلا عبر تمكين الشباب من ممارسة العمل السياسي من داخل المؤسسات السياسية كما عبر عن ذلك الفصل 33 و 170 من الدستور المغربي لسنة 2011.
لكن الواقع السياسي بالمغرب يعبر عن شيئ آخر، إذ أن هناك فجوة كبيرة لدى الشباب فاصلة بين المشاركة السياسية والإبتعاد عن العمل الحزبي.
كل هذا يجعلنا نطرح مجموعة من التساؤلات من قبيل:
ما موقع الشباب في المشاركة السياسية بالمغرب؟
أين تتجلى مشاركة الشباب في الحياة السياسية؟
وهل الشباب المغربي عازف عن السياسة أم عن الإنخراط في العمل الحزبي؟
وماهي أسباب نفور الشباب من الإنخراط في العمل الحزبي؟
وكيف يمكن إرجاع الثقة بين الشباب والمؤسسات الحزبية بالمغرب؟
وما هي الأليات التي من شأنها أن تساعد في ذلك؟
أسئلة وأخرى تطرح نفسها بقوة في هذا السياق، وفي هذا المقال سنحاول الإجابة عنها.

إذا انطلقا من الدستور المغربي الأخير لسنة 2011 فإننا نجد أن الإنتقال الديمقراطي الحقيقي في المغرب لا يمكن أن يكون إلا بالشباب حيث أن الإهتمام بهذه الفئة والمراهنة عليها هي مراهنة على مستقبل المغرب من أجل التغيير والبناء الحقيقي للمجتمع المغربي بقيادة شبابه.
لكن أمام بقاء البرامج الموجهة للشباب في الدستور المغربي حبرا على ورق، وأمام الإخفاقات الحكومية المتراكمة في إستراتيجياتها لهذه الفئة، وغياب إرادتها في التنفيذ نتج عنه وجود فجوة كبيرة فاصلة بين الشباب والمشاركة السياسية من داخل المؤسسات الحزبية.
ولقد نتج عن هذه الفجوة أزمة حقيقية بين الشباب والمؤسسات الحزبية، حيث تظهر هذه الأزمة في أن الأحزاب السياسية بمختلف تلويناتها لم تستطيع أن تستقطب سوى 1% من الشباب المغربي.
فهل هذا يعني أن الشباب المغربي عازف عن الممارسة السياسية أم نافر من المؤسسات الحزبية؟
لقد نتج عن أزمة الثقة الحاصلة بين الشباب والمؤسسات الحزبية بالمغرب بحث الشباب عن فضاء جديد يمكنه من ممارسة العمل السياسي فانتقل الشباب المغربي من ممارسة العمل السياسي من الواقع إلى المواقع (مواقع التواصل الإجتماعي ) حيث أن الإهتمام بالشأن العام والعمل السياسي جعل الشباب يسعى إلى ممارسة السياسة من مواقع التواصل الإجتماعي وذلك بتفاعله الدائم والمستمر مع قضايا الشأن العام المغربي، ولقد أعطى هذا الشكل الجديد للممارسة السياسية أكله بدأ بحملات المقاطعة التي دعى إليها الشباب المغربي من خلال هذه الشبكات.
بالإضافة إلى الممارسة السياسية للشباب من خلال المواقع، فقد لقي الشباب إقبالا على الإنخراط في العمل الجمعوي كونه فضاءا يستهوي الشباب لإفراغ طاقاته الإيجابية وممارسة عمله السياسي من هذا الفضاء.
حيث تشكل نسبة الشباب المنخرط في العمل الجمعوي حوالي 6% من الشباب المغربي، وإن دل هذا على شيئ فإنما يدل على اهتمام الشباب بالشأن العام ورغبته في الممارسة السياسية من أجل إحذاث التغيير.
أيضا مايؤكد على أن الشباب المغربي مهتم وحاضر بقوة في المجال السياسي هو خروجه ومشاركته في الإحتجاجات المدنية( حركة 20 فبراير 2021، الحراك الإجتماعي الريفي، جرادة، زاكورة، قضية الأساتذة المتعاقدين، احتجاجات الفنيدق…).
أمام هذه المعطيات يمكن القول بأن الشباب المغربي غير عازف عن السياسة بل له ابتعاد ونفور من العمل الحزبي.
لكن أمام هذا الوضع نتساءل ما الذي يجعل الشباب المغربي نافر من العمل الحزبي ومبتعد عن الإنخراط في المؤسسات الحزبية؟
وما مرد أزمة الأحزاب وفشلها في استقطاب ود الشباب؟
إن أزمة الأحزاب وفشلها في استقطاب ود الشباب يظهر واضحا من خلال ضعف انخراط الشباب في العمل الحزبي الذي لا يتعدى 1% حسب دراسة قامت بها المندوبية السامية للتخطيط.
ويمكن أن نلخص أزمة الأحزاب وفشلها في استقطاب ود الشباب في مايلي:
غياب التأطير: حيث أن الأحزاب السياسية بالمغرب تخلت عن الأدوار الرئيسية والأصيلة فيها وهي تأطير المواطنين والمواطنات حسب الفصل 7 من الدستور المغربي لسنة 2011 وخاصة فئة الشباب وتحولت إلى دكاكين انتخابية موسمية.
ضعف الإنتاج السياسي وارتباط العمل الحزبي بالمصلحة الشخصية: يتجلى ضعف الإنتاج السياسي لدى الأحزاب في عدم تنزيل برامجها على أرض الواقع واكتفائها بالوعود والتنظير، كما أن العمل الحزبي يبدو للعيان الآن أنه أصبح مطية للوصول إلى السلطة والدفاع عن المصالح الخاصة.
غياب القدوة السياسية وخلود الزعامات: حيث أن رتابة الأحزاب السياسية في عملها وظهورها الموسمي يجعلها مفتقدة لعناصر الجدب لدى الشباب، فالتشبت بالمناصب السياسية وخلود زعامات الأحزاب يجعل هذه الأخيرة بمختلف تلويناتها عاجزة عن تكوين وخلق قدوة سياسية يقتدي بها الشباب للإلتحاق بالأحزاب.
وأمام كل هذه الأسباب التي تجعل الشباب مبتعد عن الإنخراط في العمل الحزبي نتساءل عن كيفية إعادة إحياء الثقة بين الشباب والمؤسسات الحزبية بالمغرب؟

إن المتتبع للشأن السياسي بالمغرب يدرك بكل وضوح أن هناك أزمة ثقة بين الشباب والمؤسسات الحزبية، هذه الأزمة النابعة بالأساس من فشل الأحزاب السياسية وإخفاقاتها المتراكمة في استقطاب ود الشباب، وبالتالي فنحن الآن أمام رهان حقيقي يتمثل في كيفية إعادة إحياء الثقة وتجديد المصالحة بين الشباب والمؤسسات الحزبية بالمغرب.
إن العمل على إعادة الثقة وتجديد المصالحة بين الشباب والمؤسسات الحزبية رهان لدى الأحزاب السياسية يستدعي بالأساس العمل الجدي والفعلي على احتياجات ومتطلبات الشباب(التعليم، التشغيل، التأطير…) وجعل هذه الفئة في صلب اهتمام وانشغال الأحزاب السياسية باستمرار.
ومن الآليات التي من شأن الأحزاب السياسية أن تجدد بها المصالحة بينها وبين الشباب هي:
قطع الأحزاب السياسية مع منطق الإنتهازية والزبونية والعلاقات الشخصية وجعل الكفاءة هي المعيار في إطار منح التزكيات للشباب وتمكينهم من الوصول إلى مراكز القرار.
الحزم مع السلوكات والممارسات التي تسيئ إلى الممارسة السياسية.
إدراج الثقافة السياسية في النظام التعليمي وذلك بالتربية والتنشئة السياسية.
توسيع المجال الديمقراطي بالمشاركة السياسية الفعلية للشباب.
تخليق وأخلقة الممارسة السياسية لدى الأحزاب.
إعادة الإعتبار للمؤسسات الحزبية وذلك بالقيام بدورها في المساهمة في تمثيل الشباب وتأطيرهم.
كل هذه الآليات من شأنها أن تساعد في إعادة إحياء الثقة وتجديد المصالحة بين الشباب والمؤسسات الحزبية بالمغرب.
لكن أمام بقاء الفاعل السياسي دون المستوى فسوف يبقى سقف طموحات الشباب وأملهم في التغير كبير، لكن الواقع لا يتناسب مع هذه الطموحات، ولا يتماشى مع إرادتهم في سلك طريق التغيير.
فكيف ياترى سيكون واقع الحال للشباب المغربي مع الأحزاب السياسية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى