خديجة الحتاش تتالق في عرض القفطان المغربي رمز أناقة المرأة المغربية
ابابريس : الرباط
مليكة بنضهر
لا يقتصر التراث الثقافي على المعالم التاريخية و القطع الفنية الأثرية، وإنما يشمل أيضا التقاليد أو أشكال التعبير الحية الموروثة من أسلافنا والتي تداولتها الأجيال الواحد تلو الآخر وصولاً إلينا، مثل التقاليد الشفهية، والفنون الاستعراضية، والطقوس، والمناسبات الاحتفالية، والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، والمعارف والمهارات في إنتاج الصناعات الحرفية التقليدية. و التراث الثقافي غير المادي يعد عاملاً مهماً في الحفاظ على التنوع الثقافي في مواجهة العولمة المتزايدة. مما يساعد على الحوار بين الثقافات ويشجع على الاحترام المتبادل لطريقة عيش الآخر وبهذه المناسبة،شهدت مؤسسة عياد لمهور للتربية والثقافة والفنون معرضا فنيا استمر ليومين يعرض لجزء من تاريخ القفطان المغربي الأصيل من إنجاز الفنانة التشكيلية خديجة الحتاش .
القفطان المغربي يعد من أقدم الألبسة التقليدية في العالم إذ يعود تاريخ ظهوره إلى العصر المريني ثم العصر السعدي في عهد السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي، ثم انتشر في الأندلس بفضل موسيقي “زرياب” في بداية القرن التاسع.
وكان أول ظهور للقفطان في المدن المغربية المعروفة كفاس وتطوان، والرباط عند المورسكيين وهم المغاربة الذين طُردوا من الأندلس في القرن الخامس عشرحيث بدأ المغاربة بتصدير آلاف القطع من الزي المغربي (القفطان) إلى البرتغال.
إن القفطان المغربي زي تقليدي نسائي يشكل رمزا للأناقة و تثبيتا للهوية المغربية إذ يعبر عن ثقافة جمالية رفيعة تبرز مكانته بين الأزياء ويجسد بحق العادات والتقاليد العميقة وخصوصية وتفرد وعراقة الحضارة في المغرب.
و هو لباس أساسي لكل امرأة مغربية في كل عرس أو حفل أو أي مناسبة ،لم يتزعزع عن عرشه ،وظل متسيّدا وشاهدا على أناقة المرأة المغربية.
وظلت المرأة المغربية تتزين بهذه اللوحة الفنية المسماة بالقفطان لقرون خلت، قبل أن يخرج إلى العالمية في التسعينيات من القرن الماضي بفضل تنظيم معارض وملتقيات تروج للقفطان المغربي الأصيل ، وقد تفنن وأبدع فيه كبار المصممين والمعلمين المغاربة بشكل يدعو للفخر والاعتزاز.
القفطان المغربي مصنوع من أقمشة فاخرة يتم تزيينها بالتطريز اليدوي المغربي كالرباطي نسبة للرباط أو الفاسي نسبة لفاس ، مع يزين بالأحجار، دون أن نتناسى أهم عملية وهي ما يسمى في المغرب “خدمة المعلم” نسبة إلى حرفيين يغزلون خيوطا من الحرير أو الفضة أو الذهب.
الفنانة خديجة الحتاش في معرضها ومن خلال قفاطينها تجد لوحات تعريفية توضح الألبسة المعروضة تاريخها ،موضوعها و صناعتها ، بالإضافة إلى تقديمها لشروحات لمرتادي المعرض في رواق اليكا حيث يتجسد الإبداع المغربي في صناعة الزي التقليدي عبر الألوان والخيوط والأثواب وتخللت فعاليات هذا المعرض الفني لوحات من فن عيساوة وهو ثراث فني مغربي أصيل، أتمم جمالية اللوحة الفنية العامة كما نجد بالمعرض قفاطين تؤرخ لخمسين وستين سنة بل هناك قفطان مغربي معروض لأزيد من 100 عام .
و أثناء العرض تم تكريم السيدة المرحومة الحاجة المعلمة مينة الوراق والتي كانت قد أنجزت لباسا تقليديا رجاليا والمكون من سلهام وجلباب وقميص وجابدور وسروال من أرفع الاقمشة ومن حرير بزو ،وأيضا تم تكريم السيدة والدة العارضة ،والذي شكل تجسيدا لثقافة الاعتراف بدور النساء في الحفاظ على الموروث الثقافي والفني للأسر المغربية العريقة .
ذة.بنضهر مليكة