بالأرقام هذه وضعية المياه المقلقة بالمغرب بسبب التغيرات المناخية و الجفاف الحاد
ابابريس : قسم الاخبار
في ظل الوضعية المقلقة للمياه بالمغرب نتيجة آثار التغيرات المناخية، واختلالات تدبير هذه المادة الحيوية الثمينة، والاستعمال غير المعقلن سواء من طرف الساكنة في الوسط الحضري والقروي، وكذا في المجال الصناعي والزراعي والفلاحي على الخصوص خلال هذه السنة 2022، وآثارها على مستوى السنوات القادمية. تساهم جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ في النقاش الواسع لمختلف القطاعات الحيوية وسائل الإعلام والفضاءات المجتمع المدني المهتمة بقضايا البيئية والمناخية والزراعية والفلاحية عموما.
يؤكد الخبير البيئي بنرامل مصطفى رئيس الجمعية أن المغرب يعيش في الوقت الراهن وضعية حرجة سواء من حيث الاحتياط الإجمالي من هذه المادة الثمينة والحيوية أو من خلال الإجراءات المتخذة من طرف القطاعات الحكومية أو التشريعات والقوانين المتوفرة لتدبير المياه واستعماله الرشيد، مما خلف حالة استنفار قصوى لمواجهة نقص الماء الصالح للشرب، حيث سيكون عدد من المدن والمناطق مهدداً بأزمة العطش خلال الصيف المقبل وخروج أهم المؤسسات المعنية بدراسات وأرقام تشخص الوضعية الصعبة، داعية الجميع للمشاركة للحد من آثار الجفاف الحاد الذي يعرفه المغرب منذ سنة 1980، والناتج عن التغيرات المناخية.
حيث دق المجلس الأعلى للحسابات في المغرب خلال شهر مارس 2022، وهو أعلى هيئة رقابية على المالية العامة في المملكة، ناقوس الخطر بخصوص ندرة المياه في البلاد، مؤكداً أن “المغرب تحت عتبة الندرة المزمنة للماء”.
وتعد الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، لأنه من بين البلدان التي تتوفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة (ما بين 300م3 و600م3 للفرد حسب التوزيع الجغرافي)، وفق البيانات الرسمية لوزارة التجهيز والماء، تقدر الموارد المائية في المغرب بـ22 مليار متر مكعب في السنة.
وأن حصة الفرد من المياه تتناقص سنويا بسبب تزايد السكان والحاجات المتزايدة والاستهلاك المفرط للماء، وأيضا بسب التغير المناخي وتراجع كمية التساقطات، متوقعا أن تصل البلاد إلى عتبة الإجهاد المائي قبل 2050.
وفي وقت سابق، كان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قد حذر في تقرير له من أن حالة ندرة المياه في المغرب مقلقة، لأن مواردها المائية تقدر حاليا بأقل من 650 مترا مكعبا للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب في سنة 1960، وستنخفض عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030.
وفي نفس السياق حذر المجلس الحكومي، في تقريره السنوي الصادر خلال شهر مارس 2022، من تدهور وضعية المغرب المائية في أفق سنة 2050، لتصل إلى عتبة الندرة المطلقة أي المزمنة، والمتمثلة في 500 متر مكعب للفرد سنوياً .
وتقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب الوطني في السنة المتوسطة بـ18 مليار متر مكعب، وتتراوح وفق السنوات من 5 مليارات متر مكعب إلى 50 مليار متر مكعب.
وتمثل المياه الجوفية حوالي 20% من الموارد المائية التي تتوفر في المملكة، ويبلغ حاليا مخزون المياه الجوفية القابلة للاستغلال 4.2 مليارات متر مكعب في السنة. وفي المغرب حاليا 149 سدا كبيرا بسعة تخزينية تفوق 19 مليار متر مكعب وسدود متوسطة وصغيرة ومشاريع لتحلية مياه البحر في 9 محطات تعبئ 147 مليون متر مكعب في السنة، بالإضافة إلى آلاف الآبار والأثقاب لتعبئة المياه الجوفية.
غير أن الجفاف أثر على هذه الموارد المائية، فقد وصل المخزون المائي للسدود مثلا حتى الثاني من مارس/آذار الجاري حوالي 5.3 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 32.8% كنسبة ملء إجمالي مقابل 49.6% سجلت في نفس التاريخ من السنة الماضية.
كما أن دراسات دولية أشارت إلى أن التغيرات المناخية يمكن أن تتسبب في اختفاء 80% من موارد المياه المتاحة في المغرب خلال الـ25 سنة القادمة. وأكد السيد نزار بركة وزير التجهيز والماء أن حصيلة الموسم الفلاحي، أقل من المتوسط”، مبرزا أن ” الواردات المائية تراجعت بنسبة 84 في المائة مقارنة مع سنة عادية.
ونبه الوزير الانتباه إلى أن “التراجع في التساقطات المطرية بدأ منذ سنة 2018، مع خمس سنوات متتالية من التراجع على مستوى الواردات المائية، أوضح أن هذا الوضع كان له وقع على نسبة ملء السدود، التي تبلغ الآن 33.7 في المائة، أي نحو 5 مليارات و440 مليون متر مكعب من الماء في حقينة السدود. وبالرغم من المجهوات المبذولة وضع البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، تعاني بعض الأحواض المائية من شح أو نذرة كبيرة في المياه ومنها حوض ملوية (مناطق وجدة والشرق)، حيث يسجل تراجعا كبير في نسبة ملء السدود التي لا تتجاوز 11 بالمائة، وهو ما ينعكس سلبا على ساكنة هذه المناطق.
من جهة أخرى، سجل الوزير نزار بركة ارتفاع درجة الحرارة خلال العام الماضي، بأكثر من 9.9 درجات عن المتوسط، مما يعني تبخر أكثر للموارد المائة، مما ينعكس سلبا على الفلاحة” يؤكد وزير التجهيز والماء.
الاقتراحات والتوصيات في ظل الوضعية المقلقة:
ففي ظل تضاعف تردد فترات الجفاف المتتالية خلال سنوات الأخيرة (حيث كان التردد في الماضي كل 10 سنوات، ومنذ التسعينيات القرن الماضي أصبحت تقريبا كل سنتين)، ومن أجل التخفيف حدة ندرة المياه، والتي تعتبر هذه السنة من أقسى مواسم الجفاف التي شهدها المغرب منذ الثمانينيات. وهو ما يؤثر على الوضع المقلق للاقتصاد الوطني الذي يعتمد على الفلاحة والزراعة بشكل كبير، إذ يمثل الإنتاج الفلاحي حوالي 17% من الناتج الوطني، وهذا ما يؤثر على النموذج الزراعي البعيد المسطر له في النموذج التنموي الجديد. وبما أن الجفاف يعتبر مشكلة هيكلية في المغرب، يتحتم على المغرب اليوم، ضرورة التفكير بشكل مستدام في ايجاد حلول فيما يتعلق بإنتاج وتوزيع واستغلال الماء، فالقطاع الزراعي الذي يعتمد على الري يستغل حوالي 80% من المياه السنوية في حين المساحة المسقية لا تتعدى 10 % من الأراضي الزراعية.
ومن بين هذه الاقتراحات لتجاوز تداعيات الجفاف ومشكلة ندرة المياه بشكل عام تقترح جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ التوصيات التالية:
ضرورة الاعتماد على منظومة زراعية حديثة، تعتمد على تحلية المياه بشكل كبير وعلى تقنيات الري المتقدمة والتكنلوجية، وعلى إعادة توجيه المنتوج الزراعي نحو منتجات أقل استعمالا للمياه وذات قيمة مضافة عالية في الأسواق الدولية.
حث الدولة على في إنجاز وتنفيذ ورفع وتيرة إنجاز السدود، مما سيسمح برفع إمكانيات التخزين من 19 مليار متر مكعب إلى 24 مليار متر مكعب، وذلك كإجراءات لضمان الأمن المائي بالمغرب، مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة ايلاء
الاهتمام ببرامج تحلية المياه في المناطق الساحلية والإسراع في إنجازها، حيث مكنت محطة أكادير من تجاوز المدينة أزمتها المائية من خلال توفير المحطة لما يقارب 70 % من احتياجاتها المائية الصالح للشرب؛
ضرورة تسريع تدابير أعمال تزويد المراكز القروية انطلاقا من منظومات مائية مستدامة، في إطار المخطط الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي (2020-2027)، وتقوية عمليات استكشاف موارد مائية إضافية، خصوصا عبر إنجاز أثقاب لاستغلال المياه الجوفية، إلى جانب الاقتصاد في استعمال الماء والحد من الهدر، خصوصا بقنوات الجر والتوزيع؛
سن إجراءات وتشريعات لمنع حفر الآبار بشكل غير قانوني وإيقاف سقي المساحات الخضراء بواسطة الماء الشروب واللجوء إلى استعمال المياه العادمة المعالجة حال توفرها (لهذا يجب الإسراع ببرنامج ربط كل المدن والمراكز الحضرية بمحطات معالجة المياه العادمة) أو مياه الأمطار المخزنة في خزانات المدن؛
القيام بحملات تحسيسية وتوعوية واسعة النطاق لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية سواء للشرب أو الاستعمال الزراعي أو الصناعي من خلال برامج الشراكة مع المجتمع المدني وتعزيز قدراته من أجل التدخل الفعال والمواكبة لتحقيق الأثر المنشود في الوسط الحضري والقروي على السواء وفق الخصائص الجغرافية والثقافة المحلية؛
العمل على كفاءة برنامج الغيث، وهو برنامج يهدف إلى رفع نسبة الأمطار أو الثلوج باستعمال تقنية تلقيح السحب، باستعمال مواد كيميائية غير ضارة بالبيئة مثل “يودير الفضة” بالنسبة للسحب الباردة (-5 درجات) “وملح كلورير الصوديوم” بالنسبة للسحب الدافئة.