صراع بين استعمال “الكاش” بالمغرب و التعاملات الإلكترونية والبنكية”.
ابابريس: قسم الاخبار
لا يزال استعمال “الكاش” بالمغرب مرتفعا جدا؛ وهو ما يؤرق بال السلطات الحكومية، ويساهم في ضياع عدد من الإمكانات الاقتصادية، في الوقت الذي يؤكد فيه خبراء على “ضرورة العمل بتحفيزات تجعل المواطنين يقبلون على التعاملات الإلكترونية والبنكية”.
عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، رفض “تحميل كل المسؤولية للقطاع غير المهيكل في ارتفاع تداول ‘الكاش’ في المغرب”، مفيداً بأن “البنك بصدد إتمام دراسة معمقة وشاملة حول هذا الموضوع، تراعى فيها استشارة كل الأطراف المعنية وتعميق النقاش للفهم الجيد أيضا من حيث اكتناز المغاربة للأموال”.
محمد جدري، خبير اقتصادي، قال إن “استعمال “الكاش” في المملكة المغربية بلغ مستويات قياسية، حيث إنها تصل تقريبا أكثر من ربع مليار درهم كلها بالكاش”.
وأضاف جدري، ، أن “هناك مجموعة من المداخيل التي يمكن أن تحفز المواطنين على استعمال الأداء بالشيكات أو التحويلات البنكية أو عبر البطائق البنكية عوض الأداء بالكاش”.
ومن ضمن الإجراءات التي ذكرها الخبير الاقتصادي يمكن إجراء “تحفيزات ضريبية لمن يشتغلون بالقطاع غير المهيكل؛ لأن السبب الأساسي الذي يجعل الأشخاص يلجؤون إليه هو تخوفهم من أداء ضريبة عالية سواء الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات”، مطالبا بـ”نظام جبائي عادل يحفز المواطنين على الالتحاق بالقطاع المهيكل”.
وسرد جدري مثال “المقاول الذاتي”، وقال: “الناس كانوا يلتحقون بالقطاع المهيكل؛ ولكن الحكومة قامت بإجراءات في قانون المالية لسنة 2023 ورفعت من الضريبة من واحد في المائة إلى ثلاثين في المائة، ما جعل هؤلاء يفرون من جديد إلى القطاع غير المهيكل”.
وسرد جدري التجربة الكينية قائلا: “هي تجربة رائدة على المستوى العالمي قضت على الأداء بالكاش عن طريق استعمال الأداء عبر الهاتف، خاصة أن نسبة الاستبناك في كينيا هي نسبة ضعيفة مثل الحال في المملكة المغربية، نتوفر فقط على 15 مليون حساب بنكي؛ في حين أن عددا كبيرا يقدر بالملايين لا يتوفرون عليها… وبالتالي الأداء عبر البطائق البنكية مباشرة سيكون صعبا. أما الأداء عبر الهاتف هو سهل، لأن الجميع يملك هواتف نقالة؛ وبالتالي يمكن عقد شركات مع شركات الاتصالات”.
وأورد المصرح أن “تهرب التجار ومقدمي الخدمات من وضع آلات الأداء بالبطاقة البنكية لأنهم يتعرضون لاقتطاعات بنسب مرتفعة تصل في بعض الأحيان إلى 2 أو 3 في المائة”.
من جانبه، سرد يوسف كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، عددا من الحلول التي يمكن أن “تحارب هذه الظاهرة الاقتصادية”.
أول الحلول التي تحدث عنها كراوي الفيلالي، “هيكلة قطاع السوق السوداء أي القطاع غير المهيكل، وأن أن تصبح المعاملات التجارية بنكية وليس نقدية؛ لأن القطاع غير المهيكل اليوم يتعامل فقط نقدا، وهذا ما يفاقم الضغط على كتلة النقود الورقية”.
وقال رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير: “هناك إجراءات تحفيزية يمكن للدولة تتبعها؛ أولاها إجراءات ضريبية تحفيزية، حينما يتم التعامل عبر الحوالات البنكية أو عبر التطبيقات البنكية عوض استعمال النقود، وهو ما قامت به عدد من الدول المتقدمة والنامية”.
وتابع الخبير الاقتصادي: “أيضا جميع المساهمات الاجتماعية والمساعدات التي تمنحها الدولة يجب أن تمنح عبر حسابات بنكية، ثم هناك سندات طلب الصفقات العمومية التي يجب أن تتم بحساب بنكي وحوالة بنكية”.
وشرح كراوي الفيلالي أنه “في ظل الرقمنة لا بد من تعميم ما يعرف بـTPE في المراكز التجارية وفي الأسواق، وأن يدخل حتى الأسواق البلدية، مع محاولة تجويد صبيب الأنترنيت لتسهيل المعاملات الإلكترونية”.
ثم تحدث الخبير المغربي عن محاربة الفساد والرشوة، قائلا إن “رقمنة المساطر وتبسيطها يعني التقليل من العامل البشري ونقص الرشوة النقدية؛ ومن ثم، فإن كل المعاملات ستتم إما بالحاسوب أو عبر التطبيق أو الهاتف.. وبالتالي ليس هناك احتكاك بشري، الذي يزيد من احتمال الرشوة”.